عاجلمقالات وآراء
أخر الأخبار

وليد أحمد يكتب : هل فقد المصريون ثقتهم بأنفسهم ؟

 

لا ندري كيف تبدل الحرباء ألوانها فهي تنبع من موهبة وإرادة خاصة بها وحدها، حتى أننا لا نستطيع أن نحدد بدقة مكان إختفائها فهي تتيكف مع ألوان البيئة وتنسجم إنسجاماً تاماً مع الوجود المادي الذي تقع عليه، ولكن تستطيع الكشف عنها عندما تنهب بلسانها الطويل جسد الفريسة أو عندما تغير لونها عن المحيط المادي بجانبها، كذلك سلوكيات الشعوب المستجدة لا تلاحظ إلا إذا تغير لونها وأنعزل عن صبغة المجتمع، كذلك عندما تدلغ القيم ويصاب الإنسان بالوهن وتنزع منه القيمة والروح والجمال.

 

ولا نملك عندما نتناول هذا الصدد إلا أن نركن إلى أحد أحياء القاهرة القديمة، ونتأمل في وجوه المصريين، على أبواب الكنائس وفي ساحات المساجد، في طوابير الخبز، وفى المقاهي الشعبية، في حقيبة التلميذ، وفى عيون السائح، بين أحضان الحضارة وبين مرارة الحاضر، لنرقب بوضوح – هل أصابهم الملل؟.. هل تعيقهم حالة من التوتر والإنزعاج؟.. يا ترى هل فقد المصريون ثقتهم بأنفسهم؟! 

 

وعندما نتحدث عن الثقة بالنفس يمكن أن نتوجه قليلاً إلى مؤشر السعادة العالمي، لنجد مصر تقترب من ذيل القائمة في المركز ال 129، ومن هنا أيضاً يتبادر بذهني سؤال مهم.. ما الذي يعكر مزاج المصريين؟ 

 

وعندما نشير إلى مواضع الفخر والثقة لدى المصريين ، فإننا نشير إلى عدة محاور هامة منها : “الدين، الحضارة، الثقافة، الأخلاق، الحرية، الكرامة، الشهامة”.. فكل هذه المواضع تنبع في ذات المصري الشرقية المعتدلة، فتبعث في الذات رونقها وقمة مجدها وعزها، وحتى في أحلك الظروف الإقتصادية والإجتماعية نرى المصري بكل ثقة يقف أمام الظلم بعزة ونصر وثقة بالذات والوطن، وعندما تهتز هذه المحاور عيون المصريين فإنها كفيلة بأن تفسد على المصري شعوره بالهيبة وراحة البال. 

 

نحن لا ننكر تفشي الأخلاق السيئة في مجتمعاتنا، ولا نزعم عدم وجود الغزو الفكري الذي يصيب العالم برمته، فإن لم تكن السوشيال ميديا هي السلاح الأول فإنها تعد من أخطر الأسلحة التي تسيطر على الشعوب، والطرق لا تعد ولا تنتهي في إخراج الأمم عن مسيرتها، وفى تغريب الهوية واللعب بالبيض والحجر.

 

ولا ننسى أيضاً أن ثقافة المصريين ومناعتهم القوية، هي الحصن المنيع والدفاع الدائم ضد أي عدو وضد أي فتنة أو فكرة خبيثة.

 

ربما تراجعت الثقة لدى المصريين، لكنها لا تنكسر وإن كانت مجرد تخوفات بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، فقد عاش الأسوأ منها على مر العصور وظل صامداً يبني ويحصد ويحارب، وإذا كانت الساحة الإعلامية ومواقع التواصل تضج بحالات القتل والجرائم والحروب والفساد والانتكاس الأخلاقي، فهذا ما يتطلبه الرأي العام وهذا ما تفرضه مؤشرات إهتمام الجمهور، فهذا لا ينفي الجانب الإيجابي ولا ينفي قوة المصريين وصلابة جذورهم إلى يوم الدين. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى