مقالات وآراء

د.إيمان علاء الدين تكتب: ريادة مصرية في العمل المناخى

 

انتهت فاعليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية تغير المناخ COP26 بجلاسكو، بإعلان اختيار مصر لاستضافة الدورة القادمة 2022. حيث ضمت قمة جلاسكو العديد من الفعاليات والأحداث التي اتجهت إليها أنظار العالم أجمع لما لها من أهمية في تقرير مصير هذا الكوكب.

و كانت فاعليات مؤتمر جلاسكو متلاحقة ومتتابعة وأظهرت تنوع ملحوظ حيث تضمنت عرض لفيديو صادم عن الكوارث الطبيعية الناتجة عن ظاهرة تغير المناخ في مختلف دول العالم، فرد فعل الطبيعة نتيجة التلوث يكون عنيفا في معظم الأحيان كما أنها تقضي على الأخضر واليابس وتابع تلك الفيديو كلمات لقادة العالم يعرضون التقدم المحرز في تنفيذ بنود الاتفاقية والذي يكون بمثابة تقرير انجاز لما قدمته دول العالم، قادة وحكوما وشعبا، في ملف الحد من التأثيرات السلبية لظاهرة تغير المناخ وكيفية التخطيط والتنفيذ لاجتياز تلك المشكلة.

ولاشك أن كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية خلال افتتاح تلك القمة، مازالت تسيطر على اذهاننا، فالتجربة المصرية الملهمة والمتميزة برهنت حرص مصر الدائم على الالتزام بجميع تعاهداتها في الاتفاقيات الدولية، كما أظهرت الكلمة حرص السيد الرئيس السيسي على لم الشمل الافريقي والتأكيد على ضرورة النظر الى حجم تحديات القارة السمراء مع ضرورة التزام الدول المعنية بمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حده المناخ والتكيف معها بمبلغ ١٠٠ مليار دولار سنويا.

وقد كان الوفد المصري على قمة الاستعداد لمناقشة كافة التفاصيل والمناقشات الخاصة بملف تمويل التخفيف والتكيف من حدة ظاهرة تغير المناخ وأطلقت وزارة البيئة بقيادة الدكتورة ياسمين فؤاد على هامش مؤتمر COP26 الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050 حيث شملت الاستراتيجية العديد من الثوابت أبرزها ضم العديد من القطاعات للعمل تحت بعد التغير المناخي، كما ترتكز الاستراتيجية على عدة جوانب أبرزها  الاقتصادية والاجتماعية، والعمل الحكومي والتمويل والبحث العلمي. كما تعتمد تلك الاستراتيجية على تخطيط ومتابعة وإدارة ملف تغير المناخ بفاعلية تنفيذا لأهداف التنمية المستدامة وتحقيقا لرؤية مصر 2030  بما يساهم في تحسين جودة الحياة للمواطن المصري، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية، مع تعزيز ريادة مصر على الصعيد الدولي في مجال تغير المناخ.

كما تعمل الاستراتيجية على تحقيق 5 غايات تتعلق بالنمو الاقتصادي المستدام وبناء المرونة والقدرة على التكيف وتحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ وتحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية وتعزيز البحث العلمي وإدارة التكنولوجيا وزيادة الوعي وإدارة المعرفة بالقضايا المناخية. كما شاركت فؤاد في العديد من الجلسات الوزارية واللقاءات الثنائية والتي من أبرزها  اجتماع وزراء البيئة الأفارقة (الأمسن) حيث اكددت على حرص الدولة المصرية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي على تقديم يد العون للقارة الأفريقية لمواجهة تحدياتها البيئية وخاصة آثار تغير المناخ، بالإضافة إلى مساعدة الدول الأفريقية على بناء قدراتها الوطنية واعداد خططها الوطنية للتكيف مع آثار التغيرات المناخية، كما أكددت على ان COP27 سيكون مؤتمرًا أفريقيًا حقيقيًا، من حيث طرح  مجالات الأولويات مثل تمويل المناخ والتكيف والخسارة والأضرار، لمواكبة التقدم الذي يأمل العالم أن يحققه في جهود التخفيف والوصول إلى الحياد الكربوني.

وقد نظمت مصر جلسة لعرض تجربتها فى التحول الاخضر بالتركيز على الطاقة المتجددة بحيث تم استعراض دمج الأبعاد البيئية فى خطط مصر التنموية حيث تعتبر مصر نموذج ملهم للعديد من الدول للتأكيد على أهمية حماية البيئة وأنها لا تتعارض مع التنمية بل هى تحقق التنمية المستدامة لكافة البرامج والخطط القومية بما يعود بمزيد من الفوائد لنا وللأجيال القادمة. كما تعتبر تلك الاستراتيجية أحد المحاور الهامة فى خطة الدولة للحد من الانبعاثات و التصدى لآثار التغيرات المناخية وحماية الموارد الطبيعية و فتح  آفاق جديدة من الاستثمارات الخضراء بالقطاعات الاقتصادية والسياحية حتى فى ظل انتشار جائحة كورونا عالميا كما عرض الجناح المصري  دراسة حالة للاقتصاد الدائري للقطاع الصناعي المصري كأحد آليات التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

وقد تضمنت احدى جلسات المؤتمر عرض للمهندس أحمد كمال عبد المنعم المدير التنفيذي لمكتب الالتزام البيئى بأتحاد الصناعات المصرية حول الاستخدام الأمثل للمواد الخام والموارد الطبيعية مع عرض بعض قصص النجاح المصرية الخاصة بإعادة استخدام المخلفات الصناعية  والتوافق بين الإنتاج والتكنولوجيا للحد من ظاهرة تغير المناخ وتحسين الإنتاجية والتنافس العالمي تزامنا مع الحفاظ على البيئة بالإضافة إلى فتح أطر جديدة للاقتصاد الأخضر وتوفير بيئة صحية  والحد من الانبعاثات الكربونية والوصول الي الحياد الكربوني. كما قام الجناح المصري بجلسة حوارية لعرض تجربة مصر فى تحقيق اهداف التنمية المستدامة بالقطاع الصناعى حيث تضنمت الجلسة عرض تقديمى للدكتور وليد درويش مستشار وزير التجارة والصناعة للسياسات البيئية حول دور الصناعة المصرية فى التصدى للتغيرات المناخية بما يدعم أهداف الإنتاج والاستهلاك المستدامين  بالاضافة الى عرض الإجراءات المتخذة لمعالجة آثار تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة في القطاعات الصناعية المصرية.

وكانت جلسات المؤتمر حوارية والاجتماعات واللقاءات المتنوعة التي عقدها الوفد المصري لعرض تقرير الإنجاز لخطة عمل ورؤية مصر الطموحة للحد من تأثير ظاهرة تغير المناخ بالمتميزة ولا ننسى الاشارة الى الإنجاز الخاص بمبادرة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية  “حياة كريمة” ليكون على رأس تلك المبادرات والتي ركزت على تدشين حياة كريمة لجميع المصريين من خلال دمج البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

فاعليات كثيرة وأحداث متنوعة تخللت COP26 بجلاسكو مهدت الطريق إلى COP27 بشرم الشيخ لعرض العديد من قصص النجاح الملهمة ولاسيما مشاركة الشباب والأطفال في العمل المناخي بالإضافة إلى بناء جسور التعاون، وإيجاد أرضية مشتركة تساعد على الاتفاق والتقدم في القضايا الحاسمة المطروحة مع العمل علي الاسراع في اتخاذ خطوات حقيقية في مسار مواجهة آثار تغير المناخ، ومساعدة الدول النامية والافريقية والأكثر تضررا على البدء سريعا في اجراءاتها للمواجهة والتكيف”.

Abdelfattahemanalaaeldin@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى