تحقيقات وتقارير

نجيب سرور..شاعر هاجم “السادات وعبد الناصر”من داخل مستشفى الأمراض العقلية

” وجداتنا فى ليالى الشتاء
تحدثننا عن سنين عجاف
عن اللآكلين لحوم الكلاب
ولحم الحمير .. ولحم القطط
عن الوائدين هناك العيال
من اليأس .. و الكفر والمسغية “

كانت هذه الأشعار اللاذعة بداية الشعر الثوري الذي انتهجه في مواجهة الظلم طيلة حياته، فعاش في بيئة ريفية قاسية يعاني من بطش الجهل والظلم والفقر، فاستل قلمه من حقيبته ليخرج ما في جعبته من مرارة الظلم والعيش فألف قصيدته الأولى الحذاء عام 1956 يحارب فيها ظلم عمدة قريته لوالده الفقير، وظل على نفس النهج يثور بأشعاره على أنظمة الحكم والفساد فتلقى شتى أنواع التعذيب والإعتقال إلى أن مات حبيساً بين جدران مستشفى الأمراض العقلية، إنه الشاعر نجيب سرور والذي تمر ذكرى وفاته اليوم.

ولد الشاعر نجيب سرور في قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية لأسرة فقيرة تعمل بالزراعة وتربية المواشي، والتحق بالمدارس الحكومية لينال قسطه من التعليم حتى حصل على الشهادة الثانوية والتحق بكلية الحقوق، ولكنه تركها في سنته الأخيرة بها ليحقق حلمه بالإنضمام إلى المعهد العالي للسينما والمسرح ليبدأ مشواره في عالم الفن.

تزوج سرور من الفنانة المصرية سميرة محسن وأنجب منها طفله شهدي، ولم تدم زيجتهما طويلاً حتى افترقا.

اعتنق سرور الشيوعية والتي كانت تهاجم الأوضاع السياسية بمصر والأردن فكانت مسيرته طويلة مع هذه الجماعة ينادي باسمها ويتغذى على أفكارها المتمردة مما جعله في مأزق مع جهات الأمن في مصر في عهد  الرئيس الراحل جمال عبد ناصر ممتداً إلى عصر السادات.

تعرض سرور لكافة أنواع التعذيب واعتقل عدة مرات ولكن لم يمنعه هذا عن التعرض للحياة السياسية، فألف العديد من المسرحيات التي أحدثت غضباً كبيراً لدى أجهزة الأمن منها:”بهية وياسين، يابهية خبريني، الكلمات المتقطعة، الحكم بعد المداولة، ملك الشحاتين، الذباب الأزرق”.

زاد ضيق أجهزة الأمن فصادرت العديد من مسرحياته ومنعت من العرض، كما فصلوه من عمله، كما تعرض لمحاولة إغتيال ولكن لم يمنعه كل هذا فرموه بالجنون فتم نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية ليقضي محطته الأخيرة بها.

وساعدت هذه الأمور على إثارة جدل واسع بين الناس بشأنه وخاصة بعد خروج قصيدته الأشهر “الأميات” إلى العلن، حيث تعتبر هذه القصيدة فاصلة في حياة الشاعر الثائر وتعتبر قفزة من الإبداع والعذوبة إلى البذائة في التعبير والقول، حيث تحتوي هذه القصيدة على كلمات خادشعة للحياة ومنافية للآداب العامة حيث هاجم الحكومة فيها بقوة وشراسة شديدة، وتعتبر صرخة قوية للشاعر يخرج صداها من داخله التي تلقت أقسى أنواع الإضهاد والتعذيب.
تدهورت الحالة الصحية لنجيب سرور داخل مشفى الأمراض العقلية ليرحل عن عالمنا في 24 من أكتوبر عام 1978.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى