الحرب بين روسيا و أوكرانيا كان بدايته صراع بقيادة الولايات المتحدة وعندما بدأت القوات الروسية التوغل في الأراضي الأوكرانية وأعترافهم باستقلال منطقتي (دونيتسك ولوغانسك) في إقليم دونباس, أصبح من هنا الأمر يشبه بالحروب العالمية حيث الصراع الذي يحدث بينهم ظهر من عدة سنوات ليس وليدة اللحظة لان العلاقة العضوية بين روسيا و أوكرانيا تمثل أصل الصراع الحالي من جهة ومن جهة أخري يمثل طموح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” لنظيرة الأمريكي “جو بايدن” جوهر ذلك الصراع الذي اشتعل عام 2013 والأن سنتناول الموضوع بالتفاصيل حتي تتضح لنا الصورة الكاملة وسنري الى إين يمكن أن يتجه الصراع.
كيف تحولت علاقة روسيا و أوكرانيا إلي صراع
عام 1917 تم إعلان جمهورية الشعب الأوكراني وكانت في تلك الفترة تضم الأقاليم الشرقية فقط وبعد الحرب العالمية الثانية تم دمج الأقاليم الغربية من أوكرانيا إلي الجمهورية الأوكرانية, وكان أسمها في ذلك الحين “جمهورية أوكرانيا السوفيتية الأشتراكية” أوكرانيا تعد من أكبر دول القارة الأوروبية بعد روسيا وأفقرهم, لكن يوجد بها بعض الأمور التي تجعل من أزمتها تأثير علي بعض الشعوب العربية مثل (مصر – سودان – لبنان) لأنهم يعتمدوا بشكل كبير علي القمح الأوكراني.
وبالعودة للماضي عندما تفكك الأتحاد السوفيتي 1991 أختار الشعب الأوكراني الأستقلال وبالتالى أصبح لهم دولتهم المستقلة وتبنوا سياسة الحياد, وتم توقيع أتفاقية شراكة مع روسيا, وتوقيع أتفاقية شراكة مع حلف (الناتو)أيضًا في 1994 ومن هنا بدأ الصراع يظهر والذي جعل الأمر واضحًا عندما ضمت روسيا (شبه جزيرة القرم) ودعمت تمردًا انفصالي في شرق أوكرانيا عام 2014, والتفسيرات لتلك الذي حدث كانت مختلفة فقد أعتبرت الولايات المتحدة و الأتحاد الأوروبي أن ذلك انتصارًا للديمقراطية, بينما روسيا تنظر إلية أنه أنقلاب غير شرعي مدعومًا من الغرب خاصة الولايات المتحدة لتوسيع نفوذها, والذي زاد من الأمر حدة عندما أعلنت الأقاليم الشرقية في أوكرانيا بعدم أعترافها بالحكومة فاشتد الصراع بين الحكومة الأوكرانية والحركة الانفصالية وأعلنوا أنفصالهم عن أوكرانيا, ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا أيضًا الأنضمام إلي موسكو و أدي ذلك إلي دخول القوات الروسية إلي جزيرة القرم, ومن هنا أعلنت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا وتم توقيع أتفاقيات (مينسك).
قصة تطور الموقف الروسي في أوكرانيا
سنروي الموضوع من وجهة نظر (روسيا) الذي بدأت بالصراع, الأزمة بينهم أزمة (جيوسياسية) فالرئيس الروسي”بوتين” يريد أن يوقف من أمتدادات (حلف الناتو) شرقًا وذلك لم يكن سرًا وطلب من القادة الغربيين أحترام الوعود، كما أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “جيمس بيكر” للرئيس السوفيتي أن حلف الناتو لن يتوسع (بوصة واحدة) شرق ألمانيا ولكن ذلك أختلف في 3 ديسمبر 2021 تحولت تلك البوصة الواحدة إلي 965 كيلو مترًا، وكان بوتين يسعى إلى للحصول على وعد بأنهم لم يتوسعوا شرقًا إلى أوكرانيا وكان ذلك بمثابة حرب باردة بين الولايات المتحدة و روسيا وبرغم من تفكك الأتحاد السوفيتي إلا أن يرى الروسيين أنه انتصار لأمريكا عليهم وأيضًا بمثابة سيطرة أمريكا علي النظام العالمي الجديد وكانت أوكرانيا اثبات و وجود قوة روسيا.
الموقف الأن أمام العالم كله علي النحو التالي:
- صراع بين الدولتين يمكن أن نشبهه بالحروب العالمية وكل الذي تسعي إليه أوكرانيا أن تصمد إلي أطول مدة وتجلس علي طاولة المفاوضات.
- الذي ادي إلى ذلك الصراع يريد “بوتين” وعود وضمانات بأن أوكرانيا لم تصبح عضوًا في الناتو.
- تلك الصراع سيؤدي إلى فتح الملفات العالقة مثل الخلاف بين (الصين والتايوان) أو خلاف (البوسنه والهرسك) أو خلاف (إيران مع الحركة الانفصالية “الأكراد”)
- زيادة سعر أسعار القمح عالميًا بنسبة تصل إلي %6.
ماهي السيناريوهات التي يمكن بها أن ينتهي الصراع بينهم؟
نحن أمام تساؤلات عديدة هل سيكون الصراع طويل الأمد أم قصير الأمد أم سينتهي بحلول دبلوماسية أم سيكون حرب عالمية ثالثة! سنطرح الأن كل ذلك.
- سيناريو…صراع طويل الأمد
هنا ستفشل روسيا السيطرة علي المدن الأوكرانية وسيكون ذلك بسبب مساعدة الغرب لأوكرانيا, ولكن ستتحول أوكرانيا إلي مستنقع لخسائر بشرية ومادية
- سيناريو…صراع قصير الأمد
يمكن أن تستطيع القوات الروسية تصعيد عملياتها العسكرية وتعرض المؤسسات الأوكرانية الرئيسية للضربات أو للحريق كما فعلت في محطة (زابوريجيا) وتعد تلك المحطة من أكبر محطات الطاقة النووية في أوروبا ولكن الطوارئ الأوكرانية استطاعوا إخماد الحريق الذي حدث, ومن الممكن أن ينتصر “بوتين” في أوكرانيا ويسحب بعض القوات الروسية ولكن سيكون الوضع شبيه لوضع بيلاروسيا.
- سيناريو…الحلول الدبلوماسية
الصراع سيصل إلى ذلك الحل عندما إذا فشلوا في حسم الصراع لأحد الطرفين بشكل واضح وكل الذي سيحدث هو سقوط القتلي وزيادة اللاجئون الأوكرانيون, فهمنا يجب الجلوس علي طاولة المفاوضات للتوصل إلي حلول دبلوماسية وكلا الطرفين يتقبلونها.
- سيناريو… حرب عالمية
يمكن أن تخرج الأمور عن نطاق روسيا و أوكرانيا وتمتد إلى دول أخري ويتم فتح ملفات أخرى, وأيضًا أعلن “بوتين” أن إمداد الغرب لأوكرانيا بالأسلحة عدوان يتطلب الرد فيقوم بالتهديد بأنه سيرسل قواته إلي دول البلطيق وفتح ممر أرضي إلي الجيب الروسي الخارجي الساحلي وذلك بمثابة حرب مع حلف الناتو ونصت المادة الخامسة من ميثاق الحلف (أي أعتداء يقع علي عضو واحد في الحلف, هو أعتداء علي جميع الأعضاء)، وعدم وصول بوتين إلي انتصار سريع ومقاومة أوكرانيا كل هذه المدة تضعف موقف بوتين فهنا سيكون مهدد بفقدان حكمه علي روسيا فيمكن أن يفعل أي رد فعل حتي يحقق انتصارًا.
هذه السيناريوهات جميعها محتملة، يمكن أن يحدث منها في المستقبل، واحتمال أن لا يحدث منها أي شئ، ويمكن أن تتداخل معًا.
