مقالات وآراء

الأخلاق الحميدة أم المصطنعة؟ – حوار الساعة

الأخلاق مثل سبحة الصلاة إذا انقطعت ينفرط ما تبقى من السباحة كذلك الأخلاق إذا لم تتواجد فإننا سنصبح في مجتمع فوضي كل شخص يأذي الآخر سواء بالتجزيح بالكلام أو أفعال.

 

بقلم / لميس محمد

 

الأخلاق مثل سبحة الصلاة إذا انقطعت ينفرط ما تبقى من السباحة كذلك الأخلاق إذا لم تتواجد فإننا سنصبح في مجتمع  فوضي كل شخص يأذي الآخر سواء بالتجزيح بالكلام أو أفعال.

 

الأخلاق الحميدة تنبع من التربية التي تنشأ عليها منذ صغرك من الأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق والأصدقاء والجامعة.

 

وهي قيم ثابتة في روحها ومثل عليا في أهدافها وغاياتها لأنها صالحة للإنسان في كل زمان ومكان بصرف النظر عن جنسه ونوعه ومكانه وزمانه. وهي وإن كان مصدرها الوحي في الإسلام، فهي لا تتعارض مع العقل البشري وما يتفق عليه الناس في مجتمعهم وعرفهم، لذلك فهي غير متغيرة في لبها وروحها من ناحية، لكنها دوما متأقلمة مع المجتمع، متطورة مع مقتضيات العصر ومستجدات الطبيعة البشرية، من ناحية أخرى.

 

 والأخلاق هي عنوان الشعوب، وقد حثت عليها جميع الأديان، ونادى بها المصلحون، إذ هي أساس الحضارة. وفي ذلك يقول أحمد شوقي :

 

وإِنَّمَـا الأُمَـمُ الأَخْـلاقُ مَا بَقِيَـتْ فَـإِنْ هُمُ ذَهَبَـتْ أَخْـلاقُهُمْ ذَهَبُـوا

 

ولعل أول الأخلاق الحميدة هي تزكية النفس عن التكبر والاعتداد بالذات التي نعتبر أنفسنا أكبر أو أعلي من غيرنا.

 

الخلق الحميدة هي صفة من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة التي أراد أن يقتدي بها امته.

أما الخلق التي نراها اليوم هي أخلاق مزيفة مثل الكذب والخداع والتزيف في المشاعر وجرح الآخرين وعدم احترام الكبار والعطف علي الصغار وعدم احترام البنات أو الفتيات ومعاملتهم بشكل سيئ.

ولنختم بما نراه على شاشات التلفاز اليوم. فلقد كان من المستحيل البارحة أن يقع تقمص أي شخصية إسلامية من الشخصيات الهامة، ثم بدأ الشيء يتغير إلى إن رأينا هذه السنة شخصية عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة الأجلاء وقد رُفع المنع في تقمصها.

 

فتلك عجلة التاريخ لا يديرها إلا الله ولا يتوقف دورانها؛ فمنع التشخيص ما كان من الدين في شيء وقد امتلأت كتبنا في الأدب والتاريخ بالأوصاف الدقيقة لكل شخصيات الإسلام، فجاءت أبلغ وصفا وأكثر دقة من أي شريط سينمائي أو تلفزي. وكان الأجدر بنا استغلال مثل هذه الوسائل والتقنيات الحديثة للتعريف بديننا والدعوة له عوض معارضتها غير المجدية.

 

كان علينا أن نفعل ذلك، وكان بإمكاننا النجاح فيه على قاعدة حسنى وطريقة فضلى عوض أن يفعلها غيرنا، وقد فعلها، مع إمكانية الإساءة للإسلام عن قصد أو عن غير قصد.

 

هذه الإشكالية اليوم في تفهم ديننا والعمل على إعزازه، وهي نفسها في كتابة دستورنا؛ فإما أن نأخذ بما يفرضه الواقع اليوم من معالم الحضارة والحداثة، بل وما بعد الحداثة، وإما أن تطحن آمالنا الساذجة عجلةُ التاريخ. ذلك هو الخيار اليوم، ولا خيار غيره!

 

فالتاريخ لا يرحم؛ ومسؤوليتنا أمامه وأمام الأجيال القادمة لكبيرة إذا أخفقنا في الإعداد لدستور يكون المنارة التي تهدي بسماحة بنوده إلى الدين القيم، دين متسامح، تعاليمه كونية وغاياته علمية؛ ذلك الإسلام الحق الذي جهله الكثير ممن تاه في ظلمات التزمت وجاهلية التحجر!

 

وهناك برامج ومسلسلات وأفلام  تعلمنا القيم الحميدة مثل مسلسل يوسف الصديق عليه السلام وفيلم عمر بن الخطاب وغيرها وتمثيلها وتجسيدها على أرض الواقع لامتثال الصغار الأخلاق الحميدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى